موضوع: التربية الإسلامية للأولاد الخميس يونيو 19, 2008 7:57 am
بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
معالجة الكذب
ظاهرة الكذب من أقبح الظواهر في نظر الإسلام ، فواجب على المربين جميعا أن يعيروها اهتمامهم ، وأن يركزوا عليها جهودهم ، ليقلع الأولاد عنها ، وينفروا منها ، ويتجنبوا مزالق الكذب ، وقبائح النفاق .
_ ويكفى الكذب تشنيعا وتقبيحا أن عده الإسلام من خصائل النفاق : روى البخاري ومسلم وغيرهما عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضى الله عنهما أن النبى صلى الله عليه وسلم قال : ( أربع من كن فيه كان منافقا خالصا ،ومن كان فيه خصلة منهن كان فيه خصلة من النفاق حتى يدعها : إذا أؤتمن خان ، وإذا حدث كذب ، وإذا عاهد غدر ، وإذا خاصم فجر )
_ ويكفيه تشنيعا و تقبيحا أن من يزاوله يكون في سخط الله وعذابه : روى مسلم وغيره عن أبي هريرة رضى الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( ثلاثة لايكلمهم الله يوم القيامة ، ولا يزكيهم ، ولا ينظر إليهم ، ولهم عذاب أليم : شيخ زان ، وملك كذاب وعائل مستكبر )) .
_ ويكفيه تشنيعا وتقبيحا أن من يعتاده يكتب عند الله من الكاذبين : روى الشيخان وغيرهما عن ابن مسعود رضى الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ...إياكم والكذب ، فإن الكذب يهدى إلى الفجور ، وإن الفجور يهدي إلى النار وما يزال العبد يكذب ، ويتحرى الكذب ، حتى يكتب عند الله كذابا )). _ ويكفيه تشنيعا وتقبيحا أن عده عليه الصلاة والسلام خيانة كبيرة : روى أبو داود عن سفيان بن أسيد الحضرمي رضى الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (كبرت خيانة أن تحدث أخاك حديثا هو لك مصدق ، وأنت له به كاذب )).فإذا كان هذا شأن الكذب والكذابين فما على المربين إلا أن ينفروا أبناءهم منه ، وينهونهم عنه ، ويحذروهم عواقبه ، ويكشفوا لهم عن مضاره وأخطاره .. حتى لايقعوا في حبائله ، ويتعثروا فى أوحاله وينزلقوا في متاهاته ...
وإذا كانت التربية الفاضلة في نظر المربين تعتمد على القدوة الصالحة ..فجدير بكل مرب مسؤول ألا يكذب على أطفاله بحجة إسكاتهم من البكاء ، أو ترغيبهم في أمر ،أو تسكينهم من غضب .. فإنهم إن فعلوا ذلك يكونون قد عودوهم عن طريق الإحياء والمحاكاة والقدوة السيئة على أقبح العادات ، وأرذل الأخلاق ألا وهي رذيلة الكذب ...عدا عن أنهم يفقدون الثقة بأقوالهم ، ويضعف جانب التأثير بنصائحهم ومواعظهم .. لهذا كله نرى المربى الأول ، والمرشد الكامل محمد صلوات الله وسلامه عليه قد حذر الأولياء والمربين من الكذب أمام أطفالهم ولو بقصد الإلهاء أو الترغيب أو الممازحة حتى لا تكتب عليهم عند الله كذبة .. روى أبو داود والبيهقي عن عبد الله ابن عامر رضى الله عنه قال : دعتني أمي يوما ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد في بيتنا ،فقالت :ها تعال أعطك ، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما أردت أن تعطيه ؟ قالت أردت أن أعطيه تمرا ، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أما إنك لو لم تعطيه شيئا كتبت عليك كذبة )) .
وروى أحمد وابن أبي الدنيا عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : (( من قال لصبي هاك ُثم لم يعطه فهي كذبة ))..
معالجة السرقة
أما ظاهرة السرقة فهي لا تقل خطرا عن ظاهرة الكذب ، وهى متفشية في البيئات المختلفة التي لم تتخلق بأخلاق الإسلام ، ولم تترب على مبادىء التربية والإيمان...
ومن المعلوم بداهة أن الطفل منذ نشأته إن لم ينشأ على مراقبة الله والخشية منه ، وإن لم يتعود على الأمانة وأداء الحقوق .. فإن الولد _ لاشك _ سيدرج على الغش والسرقة والخيانة ، وأكل الأموال بغير حق ؛ بل يكون شقيا مجرما يستجير منه المجتمع ، ويستعيذ من سوء فعاله الناس ...
لهذا كان لزاما على الآباء والمربين أن يغرسوا في نفوس أبنائهم عقيدة المراقبة لله ، والخشية منه ؛ وأن يعرفوهم بالنتائج الوخيمة التى تنجم عن السرقة وتستفحل بسبب الغش والخيانة ؛ وأن يبصروهم بماذا أعد الله للمجرمين المنحرفين من مصير فاضح ، وعذاب أليم يوم القيامة...
ومن المؤلم أن كثيرا من الأمهات والآباء لم يراقبوا أولادهم مراقبة تامة فيما يرونه معهم من أمتعة وأشياء ونقود .. فبمجرد أن يدعي الأولاد أنهم التقطوها من الشارع ، أو أهداها لهم أحد الرفقاء .. صدقوهم ، وأخذوا بأقوالهم الكاذبة ،دون أن يكلفوا أنفسهم في التدقيق والتحقيق !!.. ومن الطبيعي أن يبرر الولد بسرقته مثل هذه الادعاءات الباطلة مخافة الاتهام والفضيحة ، ومن الطبيعي أن يتمادى الولد في الإجرام حين لم يجد من مربيه البحث الدقيق ، والاهتمام البالغ ...
والأقبح من ذلك أن يجد الولد من أحد أبويه من يدفعه إلى السرقة ، ويشجعه عليها .. فإن الولد ـ ولا شك ـ سيكون عريقا في الإجرام ، متماديا في الانحراف واللصوصية..
وهل يرجي لأطفال كمال إذا إرتضعوا ثدي الناقصات.
(حكمت إحدى المحاكم الشرعية على سارق بعقوبة القطع ، فلما جاء وقت التنفيذ ، قال لهم بأعلى صوته ، قبل أن تقطعوا يدي اقطعوا لسان أمي.. فقد سرقت أول مرة في حياتي بيضة من جيراننا فلم لم تؤنبني ، ولم تطلب إلي إرجاعها إلى الجيران ، بل زغردت وقالت : الحمد لله ، لقد أصبح ابني رجلا ، فلولا لسان أمي الذي زغرد للجريمة لما كنت في المجتمع سارقا) .